آخر الاخبار اجتماع اقسام الهيئةتنويهتنويهتنويهلقاء رئيس الهيئة مع قناة الفرات الفضائية تنويه مجلس ادارة الهيئة يعقد جلسته السابعة للعام 2024اجتماع مدراءشعبة المتابعةاجتماع لجنة

قراءةٌ في قانون التضمين رقم 31 لسنة 2015



قراءة في قانون التضمين رقم 31 لسنة 2015

 

الأصل التأريخي لتضمين الموظف 

 

  • عند تشريع قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 نصت المادة ( 61 ) منه على التضمين كالاتي ( 1 – للوزير المختص أن يضمن الموظف الأضرار التي تكبدتها الخزينة العامة بسبب إهماله أو مخالفته القوانين والأنظمة والتعليمات المرعية , وللموظف حق الاعتراض على قرار الوزير المختص لدى المحاكم المدنية خلال 30 يوماً من تاريخ تبلّغه  2 – لا يمنع خروج الموظف أو المستخدم من الخدمة بأي شكل كان من تضمينه وفق الفقرة 1 من هذه المادة )
  • صدرت قرارات عديد من مجلس قيادة الثورة المنحل تناولت موضوع تضمين الموظف ومنها قرارات جائرة تضمّن الموظف أضعافاً كثيرة لما تسببه من إضرار للخزينة العامة نتيجة إهماله وآخر تلك القرارات هو القرار رقم 100 لسنة 1999 الذي ألغى المادة 61 من قانون الخدمة المدنية المشار إليها أعلاه .
  • بعد حصول التغيير في النظام السياسي أصبح من الضروري على المشرع إعادة النظر ببعض القوانين ومنها أحكام التضمين فقد صدر قانون التضمين رقم 12 لسنة 2006 المنشور في الوقائع العراقية بالعدد 4028 في 13/11/2006 وبموجبه تم إلغاء قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 100 لسنة 1999 المشار إليه أعلاه .
  • وطبقاً إلى قاعدة ( لا يُنكر تغير الأحكام بتغير الأزمان ) فقد وجدت الدولة نفسها أمام مهمة إعادة النظر بقانون التضمين رقم 12 لسنة 2006 ونتيجةً لذلك  تم إلغاؤه بصدور قانون التضمين الجديد المرقم 31 لسنة 2015 المنشور بالوقائع العراقية بالعدد 4380 في 14/9/2015

 

نطاق سريان قانون التضمين

 

نصت المادة ( 1 ) من قانون التضمين رقم 31 لسنة 2015 على ( يُضمّن الموظف أو المكلف بخدمة عامة قيمة الأضرار التي تكبدتها الخزينة العامة بسبب   إهماله   أو  تقصيره  أو مخالفته  القوانين  والقرارات  والأنظمة

 

( 1-10)

 

 

والتعليمات )  ولدى قراءة  هذا النص يتضح إن هذا القانون يسري   على

 الموظف أو المكلف بخدمة عامة فقط على عكس قانون التضمين الملغى رقم 12 لسنة 2006 الذي كان يسري على الموظف أو المكلف بخدمة عامة أو الشركة العامة أو الشركة الخاصة أو المقاول .

إن توجه المشرع الجديد باستبعاد الشركات عامةً أو خاصة أو المقاولين من سريان قانون التضمين هو أمرٌ يُمتدح عليه حيث إن هذه الجهات المستبعدة ليست من أشخاص القانون الإداري وإذا أصبحت خصماً فإن القضاء العادي ( محاكم البداءة ) أو محاكم الجزاء هي المختصة في نظر النزاع تبعاً لما يشكله الفعل الصادر منها . فإذا كان الفعل يشكل جريمة كانت محاكم الجزاء هي المختصة وبعكسه تكون محاكم البداءة هي صاحبة الاختصاص .

وقد أكد مجلس شورى الدولة بقراره المرقم 79/2013 في 11/9/2013 مبدأ التقيد بسريان القانون على الأشخاص الذين ذكرهم المشرع فقط , بعد أن استوضحت وزارة الزراعة من المجلس حيث كانت هذه الوزارة قد سلمت إحدى السيارات الى مجلس محافظة واسط لحاجتهم  لها في متابعة المشاريع التي تخص الزراعة باعتبار إن مجلس المحافظة جهة رقابية على دوائر المحافظة وبالرغم من المطالبات المتكررة من مديرية زراعة واسط  لإعادتها إلا إن المجلس رفض ذلك وقد بينت اللجنة التحقيقية المشكلة في مجلس المحافظة بأن السيارة كانت متوقفة في كراج المجلس واحترقت نتيجة ظرف استثنائي رافق التظاهرات وإن مجلس المحافظة غير مسؤول عن احتراقها ..ونتيجة لذلك أقرّ مجلس شورى الدولة بأن مجلس المحافظة ( كمؤسسة ) لا يخضع لقانون التضمين ويمكن اللجوء الى القضاء في هذه الحالة .

 

اللجان التحقيقية وفق قانون التضمين

 

نصت المادة ( 2 ) من قانون التضمين رقم 31 لسنة 2015 على ( يشكل الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ أو من يخوله أي منهم لجنة تحقيقية من رئيس وعضوين من ذوي الخبرة والاختصاص على أن يكون أحدهم حاصلاً على شهادة جامعية أولية في الأقل في القانون ) .

 

( 2-10)

لدى قراءة هذا النص يتبين إن المشرع منح صلاحية تشكيل لجنة تحقيقية مختصة بالتضمين لكل من ( أ ) الوزير المختص ( ب ) رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة كالهيئات المستقلة التي هي خارج نطاق الحكومة ولا ترتبط بمجلس الوزراء مثل ديوان الرقابة المالية والمفوضية المستقلة للإنتخابات .. أو الهيئات المستقلة التي لا تتبع وزارة معينة لكنها ترتبط بمجلس الوزراء مثل الوقفين السني والشيعي ( جـ ) المحافظ ( د ) من يخوله أي من المذكورين أعلاه .

ولدى الدراسة الدقيقة لهذا النص يتبين إن المشرع أراد أن لا تنحصر صلاحية تشكيل اللجنة بالوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة كما كان في ي قانون التضمين السابق وتبدو الحكمة واضحة في التوجه الجديد للمشرع وهي الابتعاد عن المركزية وإعطاء الصلاحيات الى المحافظين من جهة والى من يخوله المذكورون لما في ذلك من تسهيل واختزال للوقت والإجراءات .  

إشترط القانون شكليةً معينة يجب مراعاتها عند تشكيل اللجان التحقيقية حيث يجب أن تكون من رئيس وعضوين من ذوي الخبرة والإختصاص على أن يكون أحدهم حاصلاً على شهادة جامعية أولية في الأقل في القانون . وهذا يعني إن اللجان المشكلة من أربعة أو خمسة أو غيرها من الأعداد هي مخالفة لمقاصد المشرع , وكل قرار مبني على توصيات هذه اللجان يكون معيباً بعيب الشكل ويكون عرضةً للطعن به أمام الجهات المختصة  .

إن إختيار المشرع العدد 3 يحقق هدفين :

الأول إن العدد 3 هو من الأعداد الفردية وهذا أمرٌ منتج في التصويت فإذا كانت اللجنة التحقيقية مشكلة بعدد زوجي فقد تتساوى الأصوات ولا تحصل الأغلبية وبالتالي يستحيل التوصل الى توصية أو قرار حاسم .

الثاني إن العدد 3 هو أقل الأعداد الفردية فإذا شُكلت اللجنة بخمسة أفراد أو أكثر فسيؤدي ذلك الى صعوبة في جمع الأعضاء وصعوبة في الإتفاق على رأي موحد مما يؤدي الى تشتت وضياع الحق بالإضافة الى تفادي إشغال الموظفين بعدد أكبر وفسح المجال أمامهم لأداء واجباتهم الوظيفية .

ما الحكم لو تم تشكيل لجنة من رئيس وعضوين وسكرتير لهذه اللجنة أو مقرر ؟

قد تقوم بعض الدوائر الحكومية أو الوزارات بتشكيل لجنة تحقيقية من رئيس وعضوين ومقرر أو سكرتير لهذه اللجنة والهدف من ذلك تبليغ الأطراف ذات العلاقة وتنظيم محاضر الاجتماع وكتابتها وإعداد مسودة التوصيات إلا إن تشكيلها بهذه الصيغة مخالف للقانون ويكون كل ما يصدر

 

( 3-10)

من هذه اللجنة من توصيات معيب بعيب الشكل ويكون معرضاً للطعن به أمام الجهات المختصة .

وقد يُثار تساؤل حول إمكانية الاعتماد على تشكيل لجنة تحقيقية واحدة حسب قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 تتولى التحقيق مع الموظف المحال إليها وتتخذ الإجراءات القانونية بحقه وفق القانون المذكور وكذلك النظر في موضوع التضمين دون الحاجة الى تشكيل اللجنة التحقيقية المنصوص عليها في قانون التضمين .

هذا التساؤل وجهته وزارة الكهرباء الى مجلس شورى الدولة الذي أصدر قراره المرقم 123/2010 في 30/9/2010 الذي قضى بأنه لا يجوز تشكيل لجنة واحدة للتحقيق في القضايا الناشئة عن قانوني انضباط موظفي الدولة وقانون التضمين حيث إن لكل لجنة تحقيقية مهام وواجبات تختلف عن واجبات اللجنة الأخرى إضافة الى اختلاف جهات الطعن .

بقي أن نذكر إن القانون إشترط أن يكون أحد أفراد اللجنة حاصلاً على شهادة أولية في القانون على الأقل والحكمة هنا ان الموظفين القانونيين على دراية بأمور التحقيق . وهناك نقطة أخرى يجب الانتباه اليها وهي انه لا يستلزم بأن يكون أحد أعضاء اللجنة قانونياً فقد يكون الرئيس حاصلاً على شهادة في القانون وهذا يحقق غاية المشرع . وتبرز مسألة أخرى وهي إن المشرع نص على الحد الأدنى في الشهادة فإذا صادف إن أحد الأعضاء أو الرئيس حاصل على ماجستير أو دكتوراه في القانون فهو يحقق الغاية من التشريع . ولو صادف إن اللجنة تم تشكيلها من مهندس رئيساً ومحاسب عضواً وموظف خريج معهد الإدارة القانونية عضواً فإن تشكيل هذه اللجنة لا ينسجم مع القانون , لأن معهد الإدارة القانونية لا يُعد شهادة جامعية أولية .

 

واجبات ومهام اللجان التحقيقية وفق قانون التضمين

 

تناولت المادة 2 / ثانياً من قانون التضمين مهام لجان التحقيق المشكلة وفق أحكام قانون التضمين بفقرتين ( أ ) التحقيق تحريرياً مع المشمول بأحكام هذا القانون وتدوين أقواله وأقوال الشهود ولها الاطلاع على جميع المستندات والبيانات التي ترى ضرورة الاطلاع عليها وتحرير محضر تثبت فيه ما اتخذته من إجراءات وما سمعته من أقوال مع توصياتها المسببة أما بتضمين الموظف أو بعدم تضمينه . ( ب ) تحديد المسؤول عن إحداث الضرر وجسامة الفعل المرتكب وتحديد مبلغ التضمين .

 

( 4-10)

ويحدد مبلغ التضمين على وفق الأسعار السائدة بتاريخ مصادقة الوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ على قرار اللجنة التحقيقية على أن تستكمل إجراءات التحقيق والمصادقة خلال مدة لا تزيد على 90 يوماً من تاريخ حصول الضرر , ضماناً للسرعة في اتخاذ القرارات وانسجاماً مع القاعدة ( إن العدل البطيء ظلم ) .

ومما تقدم يتضح إن للجنة التحقيقية مهام محددة في القانون لا يجوز تجاوزها وهي إما إصدار التوصية بتضمين الموظف إذا تولدت لها القناعة التامة بإهماله وتقصيره أو إصدار التوصية بعدم تضمينه إذا رأت إن الأدلة غير كافية تماماً لإدانته وهذا يعني أنه لا يجوز للجنة المشكلة بموجب قانون التضمين أن توصي بتوجيه عقوبة انضباطية وفق أحكام قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل مثل لفت النظر أو الانذار وغيرها حيث ان توجيه العقوبة الانضباطية من اختصاص لجنة اخرى تستمد شرعيتها من قانون انضباط موظفي الدولة . يُلاحظ قرار مجلس شورى الدولة رقم 23/2012 في 13/3/2012

إن قانون التضمين الملغى رقم 12 لسنة 2006 نص على التفريق بين الخطأ العمدي والخطأ غير العمدي الاّ إنه في نفس الوقت لم يرتب أثراً على هذا التفريق الأمر الذي دعى وزارة المالية الى استدراك هذا الخطأ وتلافيه حينما أصدرت التعليمات رقم ( 3 ) لسنة 2007 تعليمات تسهيل قانون التضمين رقم 12 لسنة 2006 حيث تضمنت المادة 4/أولاً/جـ بأن يكون مبلغ التعويض حسب الأسعار السائدة وقت حصول الضرر إذا كان الخطأ غير عمدي وبضعف المبلغ المذكور إذا كان الخطأ عمدياً .

وحينما صدرت هذه التعليمات أثيرت عليها الكثير من التحفظات من هيئة النزاهة حيث ترى هيئة النزاهة إن قانون التضمين جاء خالياً من النص على مضاعفة مبلغ التعويض إذا كان الضرر عمدياً وإن التعليمات هي لتفسير القانون وليس لإضافة أحكام عليه أو تعديله  وإن ما ورد في التعليمات من إن التضمين بضعف المبلغ حسب الأسعار السائدة هو إضافة لم يأتِ بها نصٌ في القانون ولا يجوز بالتعليمات فرض مضاعفة مبلغ التعويض حيث أن مضاعفة التعويض يتعارض مع المبادئ العامة ومع النص الدستوري والمبادئ الاسلامية ويعد إثراءً بلا سبب .

الا إن مجلس شورى الدولة بقراره المرقم 16/2009 في 29/3/2009 قد حسم النزاع مؤكداً على شرعية إصدار هذه التعليمات وتبرير ذلك بأنه لا يمكن المساواة بين الضرر المتعمد وغير المتعمد عند النظر في موضوع التضمين .

 

( 5-10)

يبدو إن المشرع قد تلافى الخطأ الذي وقع به في قانون التضمين السابق حيث لم يصنف الاخطاء في القانون الجديد الى عمديةٍ وغير عمدية واقتصر على أن يكون مبلغ التضمين وفق الأسعار السائدة بتاريخ مصادقة الوزير او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ على ( قرار اللجنة ) التحقيقية , الا إن المشرع هنا أرتكب خطأً في الصياغة حينما نص على أن اللجنة التحقيقية تصدر قراراً فاللجان التحقيقية لا تصدر قرارات بل تصدر توصيات , ونأمل من المشرع أن ينتبه لهذا الخطأ ويتلافاه بموجب تعديل لهذا الغرض .

ويجوز للجنة التحقيقية أن توصي بعدم التضمين إذا ثبت لها إن الضرر الذي لحق بالمال العام يرجع لسبب أجنبي أو قضاء وقدر .. لاحظ قرار مجلس شورى الدولة 89/2012 في 23/10/2012

 

 

الجهات المخولة بإصدار قرار التضمين

 

نصت المادة 2/ثالثاً من قانون التضمين رقم 31 لسنة 2015 على ( يصدر الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ قراره بناءً على توصيات اللجنة المشكلة بموجب البند أولاً من هذه المادة ) .

بعد أن تنهي اللجنة المشكلة بموجب هذا القانون أعمالها ترفع توصياتها الى الجهة التي أمرت بتشكيل اللجنة وهي إما الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ , ويصدر أي من هؤلاء قراره بناءً على تلك التوصيات . ويُلاحظ إن المشرع قد حصر إصدار قرار التضمين بهؤلاء الثلاثة وهذا يعني إن المصادقة على التوصيات وإصدار قرار التضمين لا يمكن تخويلها الى أي موظف آخر وهي من الصلاحيات الحصرية على عكس موضوع ( تشكيل اللجان ) الذي أجاز القانون تفويضه .

ونسوق مثالاً للتوضيح .. إن المدير العام لتصنيع الحبوب يحق له أن يصدر أمراً إدارياً بتشكيل لجنة لتضمين أحد موظفيه إذا قام هذا الموظف بإحداث أضرارٍ تكبد الخزينة العامة بسبب إهماله  أو تقصيره أو مخالفته القوانين والقرارات والأنظمة والتعليمات . الا إن توصية هذه اللجنة يجب أن ترفع الى وزير التجارة للمصادقة عليها وإصدار قرار التضمين ولا يجوز للمدير العام الذي أمر بتشكيل اللجنة المصادقة وإصدار القرار لأن قرارات التضمين لا يمكن تفويضها من الوزير الى المدير العام .

 

( 6-10)

إن عبارة ( إصدار القرار بناءً على تلك التوصيات ) تعني إن اللجنة التحقيقية لا تصدر قرارات بل تصدر توصيات والفرق شاسع بينهما فالقرار الإداري نهائي يمكن الطعن به ويرتب أثره , أما التوصيات فلا تُعد عملاً نهائياً بل هي من الأعمال الإعدادية الممهدة للقرار الإداري ولا يمكن لمن صدرت بحقه أن يطعن بها . ومن جانب آخر إن التوصية لا تكون ملزمة للجهة الادارية التي أمرت بتشكيل اللجنة  , بل هي استشارية ويحق للجهة الادارية الأخذ بكل التوصية وإقرارها وكذلك يحق لها الأخذ ببعضها وإهمال البعض الآخر , غاية ما في الأمر إن المشرع قيّد الموضوع بتشكيل اللجنة لأهداف معينة منها الوقوف على الحقيقة فاللجان تمتلك الوقت الكافي الذي يتيح لها الاطلاع على كافة أوليات الموضوع وتقوم بجمع الادلة بالاستجواب وجمع الإفادات واستشارة الخبراء ونتيجة لذلك يتم التوصل الى الحقيقة أو الإقتراب منها على عكس ما لو يقوم به فرد واحد . ومن الأهداف الأخرى من تشكيل اللجان تقييد الجهة الادارية وعدم فسح المجال أمامها بتضمين الموظف بأمر إداري أو وزاري بشكل سريع دون التحقق من ملابسات الموضوع .

قد يسأل سائلٌ ما الحكم فيما إذا قام الوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة بإهماله أو تقصيره بإحداث ضرر يكبد الخزينة العامة ؟ أجابت على هذا التساؤل الفقرة رابعاً من المادة 2 من القانون ونصت على أن يُعد رئيس مجلس الوزراء وزيراً فيما يخص الوزراء ورؤساء الجهات غير المرتبطة بوزارة . 

 

تسديد مبلغ التضمين

 

الأصل أن يتم استيفاء مبلغ التضمين دفعةً واحدة الاّ إن القانون أجاز للوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ الموافقة على تقسيط المبلغ لمدة لا تزيد ( 5 ) سنوات لقاء كفالةٍ شخصية ضامنة أو عقارية ويتم وضع اشارة الحجز بحكم الرهن على العقار في مديرية التسجيل العقاري المختصة وفقاً للقانون في حال تقديم كفالة عقارية .

يتضح إن المشرع قد أضاف الكفالة الشخصية التي لم تكن منصوص عليها في القانون السابق وقد أخذ بنظر الإعتبار التسهيل على الموظف المضمّن , الا إن هذا النص الجديد لم يبين صراحةً مقدار الأقساط التي سكت عنها القانون القديم أيضاً لكن تعليمات وزارة المالية تناولت هذا الأمر حيث نصت بالمادة 6 ( تحدد الجهة  المعنية مقدار  الأقساط وتاريخ  استحقاقها

 

( 7-10)

ومتابعة استيفاءها في المواعيد التي تحددها ) نأمل من وزارة المالية تدارك هذا النقص حينما يتم إصدار تعليمات تسهيل قانون التضمين الجديد طبقاً لأحكام المادة 12 منه .

ما الحكم فيما لو صدر قانون للعفو العام بعد مصادقة الوزير على توصية اللجنة التحقيقية وصدور قرار التضمين ؟

أجاب مجلس شورى الدولة بقراره المرقم 72/2010 في 9/6/2010 بأن العفو العام يشمل الجانب الجزائي فقط وإن العفو العام لا يمنع من تحمل الموظف مسؤولية التعويض عن الأضرار التي تكبدها المال العام بسبب إهماله أو تقصيره أو مخالفته القوانين والأنظمة والتعليمات .

 

طرق الطعن

 

حدد قانون التضمين الجديد رقم 31 لسنة 2015 طرقاً للتضمين نصّ عليها صراحةً في المادة 6 وهي :

1 – التظلم أمام الجهة التي أصدرت قرار التضمين من قبل المضمّن ( موظفاً أو مكلفاً بخدمة عامة ) خلال 30 يوماً من تاريخ التبلغ بهذا القرار ويجب على الوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ البت في التظلم خلال 30 يوماً من تاريخ تقديم الطلب , وعند عدم البت في التظلم أو رفضه رغم انتهاء المدة يُعد ذلك رفضاً للتظلم , وهذا التظلم هو أمرٌ وجوبي يُشترط تقديمه قبل الطعن عن طريق محكمة القضاء الاداري ولا يجوز التنازل عنه . والحكمة من ذلك هي إتاحة الفرصة للجهة التي أصدرت قرار التضمين لمراجعة قرارها حيث ربما تتراجع عنه بعد التدقيق . ونود الإشارة هنا الى إن التظلم كطريقٍ للطعن هو إجراء جديد استمده المشرع من قانون انضباط موظفي الدولة ولم ينص عليه قانون التضمين السابق .

2 – الطعن بقرار التضمين لدى محاكم القضاء الإداري خلال 30 يوماً من تاريخ تبلغ المضمّن برفض التظلم حقيقةً أو حكماً .

وقد يسأل سائل ماذا لو صادقت محاكم القضاء الاداري قرار الوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ ؟ هل يتوجب تنفيذ هذا القرار عند التبلغ به ؟ وهل يوجد طريق آخر للطعن ؟

في الحقيقة إن قانون التضمين الجديد سكت عن تنظيم هذه الحالة الاّ إن قانون مجلس شورى الدولة بموجب التعديل الخامس الذي دخل حيز النفاذ في تموز 2013 بينت نصوصه بأن قرارات محاكم القضاء الاداري لا

 

( 8-10)

تكون باتة ويمكن الطعن بها أمام ( المحكمة الإدارية العليا ) التي هي بمثابة محكمة تمييز وتكون قرارات هذه الأخيرة باتة وواجبة النفاذ .

 

مقارنة بين قانون التضمين السابق وقانون التضمين الحالي فيما يتعلق بطرق الطعن

 

1 – قانون التضمين السابق لم ينص على التظلم كطريق من طرق الطعن أما قانون التضمين الحالي فإنه وضع التظلم شرطاً أساسياً قبل سلوك طرق الطعن الأخرى .

2 – قانون التضمين السابق جعل الطعن أمام محكمة البداءة المختصة ( مكانياً ) أما قانون التضمين الحالي فإنه جعل الطعن أمام محاكم القضاء الإداري وتبرير ذلك حسب وجهة نظرنا المتواضعة إن قانون التضمين السابق لا يقتصر على الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة فقط بل يمتد أثره الى الشركة العامة أو الخاصة أو المقاول حسب ما نصت عليه المادة 1 منه ومن البديهي إن محكمة البداءة هي المختصة بهذا الأمر لكون محاكم القضاء الاداري لا تمتد ولايتها على المقاولين أو الشركات العامة أو الخاصة . أما القانون الحالي فقد حدد الاشخاص الخاضعين لولايته صراحةً في المادة 1 منه بأنهم ( الموظفون والمكلفون بخدمة عامة ) فقط , ومن المنطقي أن تخضع هذه الفئات لولاية القضاء الاداري .

3 – إن قانون التضمين السابق نص صراحة على أن يكون الحكم الصادر من البداءة في قضايا التضمين قابلاً للطعن به أمام محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية ويكون القرار الصادر نتيجة الطعن باتاً وملزماً والحكمة من وراء ذلك هي لتقليل الزخم على محكمة التمييز الاتحادية . أما قانون التضمين الحالي فقد جاءت نصوصه خاليةً كما أشرنا سابقاً لكن ذلك لا يمنع من الطعن أمام المحكمة الادارية العليا المرتبطة بمجلس شورى الدولة .

أحكام عامة ومتفرقة

 

  • نصت المادة 7 من القانون رقم 31 لسنة 2015 على سريان قانون تحصيل الديون الحكومية رقم 56 لسنة 1977 على المضمن في حالة إمتناعه عن أداء مبلغ التضمين أو عدم تسديده أي قسط من الاقساط المترتبة في ذمته خلال 30 يوماً من تاريخ استحقاقه ويُعد التقسيط ملغياً وتستحق الأقساط المتبقية بذمته دفعةً واحدة .

 

( 9-10)

  • نصت المادة 8 من القانون على (( لا يمنع انتهاء خدمة الموظف أو مهمة المكلف بخدمة عامة أو( نقلهما لأي سبب كان ) من تضمينه على وفق أحكام هذا القانون )) ولدينا تحفظ حول صياغة هذا النص حيث إنه مأخوذ بتصرف من المادة 10 من تعليمات تسهيل القانون السابق الصادرة من وزارة المالية , وهذا نصها ( لا يمنع انتهاء خدمة الموظف أو المكلف بخدمة عامة لأي سبب كان من تطبيق أحكام هذه التعليمات عليه ) . نظراً لخلو القانون السابق من الاشارة لهذا الموضوع الا إن النص الأصلي الوارد في التعليمات أصح من النص الذي تبناه المشرع في القانون الحالي حيث زادت عبارة ( نقلهما لأي سبب كان ) النص إرتباكاً .
  • نصت المادة 9 من القانون ( لا يمنع تضمين الموظف أو المكلف بخدمة عامة على وفق أحكام هذا القانون الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ من اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتسبب في حصول الضرر بالمال العام  وإحالته الى المحاكم الجزائية اذا كان فعله يشكل جريمة يعاقب عليها القانون ) .. وتعني عبارة ( الاجراءات القانونية ) توجيه عقوبة انضباطية مما تتضمنه المادة 8 من قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991 المعدل . وقد أجاز القانون النافذ الجمع بين التضمين والعقوبة الانضباطية والاحالة الى المحاكم الجزائية اذا كان الفعل يشكل جريمة يعاقب عليها القانون . أما اذا كان الفعل لا يشكل جريمة فيجوز الاكتفاء بالتضمين وحده أو التضمين و توجيه عقوبة انضباطية حسب السلطة التقديرية للوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ .

 

 

 

المشاور القانوني الأقدم

حيدر داود حمدالله

مدير القسم القانـــــوني

هيئة إستثمار الـديوانية

 

 

التعليقات التعليقات : 5
1 عبدالامير عباس جابر , استفسار
2017-08-20 12:18:46

الاخوه الاعزاء سنة٢٠٠٤صدر من وزير البلديات مصادقته على احالة موظفين الى القضاء مع التضمين عن الضرر بالمال العام حسب اللجنة التحقيقية احيل الموظفين وتم شمولهم بقرار العفو ٢٠٠٨ لكن الوزارة سكتت عن التضمين في نفس الوقت قدر الضرر عام ٢٠٠٨ ثم اعيد تقديره ٢٠١٧ السؤال وحسب المادة ٣من القانون الاخير الذي الذيامر بنا لايجوز ان تتجاوز مدة التضمين تسعون يوما وحسب الاسعار السائدة ما هو ذنب الموظفين الذين لم يضمنواطيلة١٥سنةمضت على حدوث الضررمع الاشارة الى وجود فقرة بضرورة تطبيق تعليمات قرار١٢للتضمين والتي اوضحت بان التعويض يكون لحظة وقوع الضرر وهذا ايضا مبدأالشريعة والعدل والانصاف ونحن الان في حيرة من امرنا نتيجة تغيير الاوضاع والاسعاراملين الاجابة عن فترة تحديد الضرر وسنة وقوعه مع التقدير

2 راغب محمدطاهر , قانون التضمين
2017-06-01 09:30:45

معلومات قيمة جدا ومفيدة،، بارك الله فيك وزادك علما وإيمانا، استاذنا العزيز ما أثار تساؤلي هي مسألة الخطأ العمدي وغير العمدي،، إذا كان القانون الجديد لم يتطرق إلى هذا الموضوع فكيف يتم الاستناد إلى تعليمات قانون ملغاة؟ مثل هذه الأمور تسبب الأرباك لعمل الموظف وخاصة الموظف الحقوقي باعتباره صاحب الثقل الاكبرفي إصدار التوصيات وخاصة فيما يتعلق بالتضمين،، أن قصور وزارة المالية في إصدار تعليمات لتسهيل تنفيذ القانون الجديد ينبغي أن لا يتحمل تبعاتها أعضاء اللجنة أو الموظف المضمن،، في الختام نشكر جهودكم وتقبلوا تقديرنا واحترامنا....

3 حسنين الخفاجي , استفسار
2017-04-10 11:56:11

ماهي طريقة الاعتراض على التضمين لموظف تابع لوزارة التربية بعد ان قدم اعتراض للوزارة ولم يكن الاعتراض مقبول لعدم قناعة رئيس اللجنة بالتظلم المرفع للوزارة

4 محمد , صلاحيات
2017-02-28 14:13:48

جزاك الله خير موضوع مهم وعرض جميل: س / في حالة فقدان مواد من مخزن او مذخر دون معرفة كيف تم هذا الفقدان، بسبب تواجد اكثر من شخص يمتلك مفتاح، او غير ذلك من الاسباب. هل من صلاحية اللجنة التحقيقية التوصيه بالتضمين لصاحب الذمة دون احالته الى المحاكم المختصة؟ أليست هذه سرقة تستوجب الاحالة الى المحاكم المختصة؟ ام يجوز الاكتفاء بالتضمين. وشكرا.

5 هند عبد الوهاب , تضمين متقاعد
2016-08-31 11:55:46

هل يسري قانون التضمين 31 لسنة 20015 على المتقاعد


اضافة تعليق
ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر




الوسائط المتعددة
الفيديو

مشروع مجمع جبل عامل السكني